فصل: فصل في اختلاف المكري والمكتري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة (نسخة منقحة)



.فصل في اختلاف المكري والمكتري:

وهما كما قال (ت): إما في قدر المدة وعليه تكلم في الأبيات الخمس الأول، أو في القبض والجنس وعليهما تكلم في البيت الأخير، أو في قدر الكراء وعليه تكلم فيما بينهما.
القَوْلُ لِلْمُكرِي مَعَ الحَلْفِ اعْتُمِدْ ** في مُدَّةِ الكِراءِ حَيْثُ يَنْتَقِدْ

(القول للمكري مع الحلف) بسكون اللام (اعتمد) فيما إذا اختلفا (في مدة الكراء) فقال المكري بدرهم لشهر، وقال المكتري: بل بدرهم لشهرين وهذا (حيث ينتقد) أي يقبض المكري الكراء الذي هو الدرهم في المثال المذكور، وظاهره سواء سكن المكتري الشهر الذي يدعيه المكري أو لم يسكنه أشبه فيما يدعيه إن قال الناس مثل تلك الدار تكرى بما قال لتلك المدة التي يدعيها أو لم يشبه، وهو ظاهر ابن سلمون والمتيطي، وسيأتي ما فيه، وأما إن سكن الشهرين فالقول قول المكتري (ح): لترجح جانبة بحيازة السكنى التي يدعيها، ومفهوم قوله: حيث ينتقد أنه إذا لم يكن المكري انتقد الكراء ولا قبضه فإنه تعتبر السكنى حينئذ كما قال:
وَمَعْ سُكْنَى مُكْتَرِ وما نَقَدْ ** تحالفا والفَسْخُ في باقي الأَمَدْ

(و) إن اختلفا (مع) وجود (سكنى مكتر) بعض المدة (و) الحال أنه (ما نقد) للمكري شيئاً من الكراء (تحالفا) ويبدأ المكري باليمين لأنه البائع للمنافع (و) يجب (الفسخ في باقي الأمد.
ثمَّ يؤدِّي مَا عَليهِ حَلَفا ** في أمدِ السّكنَى الذِي قَدْ سَلَفَا

ثم يؤدي) المكتري (ما عليه حلفا. في أمد السكنى الذي قد سلفا) فإن اختلفا بعد أن سكن نصف الشهر في المثال المذكور فإنه يؤدي ربع الدرهم وبعد سكناه الشهر والنصف الآخر يؤدي ثلاثة أرباعه.
وإن يكُونا قبل سُكْنَى اختلَفَا ** فالفسخُ مهما نكَلا أو حَلَف

(وإن يكونا قبل سكنى اختلفا) والموضوع بحاله من كون المكتري لم ينقد شيئاً (فالفسخ) أيضاً (مهما نكلا) معاً (أو حلفا) معاً فإن حلف أحدهما ونكل الآخر في هذه أو في التي قبلها قضى للحالف على الناكل كما قال:
والقَوْلُ في ذلِك قولُ الحالِفِ ** في لاحِقِ الزَّمانِ أَوْ في السالِفِ

(والقول في ذلك قول الحالف) وحده إذا نكل صاحبه سواء اختلفا بعد السكنى أو قبلها وقوله: (وفي لاحق الزمان أو في السالف) خاص بالاختلاف بعد السكنى والاختلاف في قدر مدة الأرض المكتراة سنين كالاختلاف في قدر مدة السكنى، وما ذكره الناظم في هذه الأبيات مثله في ابن سلمون والمتيطية والنوادر، وظاهرهم أنه لا ينظر في ذلك لشبه، والظاهر إنه لابد منه كما قالوه فيما إذا اختلفا في قدر الأجرة وقدر المدة المشار لها بقول (خ): وإن قال اكتريت عشر سنين بخمسين، وقال المكري: بل خمس سنين بمائة حلفا وفسخ حيث لم يزرع ولم يسكن، وإن زرع بعض السنين أو سكن بعضها فلربها ما أقرَّ به المكتري أن أشبه وحلف وإلاَّ فقول ربها إن أشبه وإن لم يشبها حلفا ووجب كراء المثل فيما مضى وفسخ الباقي مطلقاً وإن نقدا وأشبها معاً أو المكري فقط فتردد هل هو كالمتقدم في قبول قول المكري بيمينه ويأخذ بحساب دعواه فيما مضى ويفسخ الباقي أو يعمل بقوله ولا فسخ؟ ويلزم المكتري إتمام المدة بجميع المائة، وأما إذا نقدا ولم يشبها معاً أو أشبه المكتري فقط فحكم ذلك حكم ما ذكر فيما إذا لم ينقد، وإنما قلنا: الظاهر إنه لابد من اعتبار الشبه فيما إذا كان الاختلاف في قدر المدة فقط الذي ذكره الناظم لأنه يلزم من الاختلاف في المدة الاختلاف في قدر الأجرة، ولذا قالوا: يؤدي فيما سكن بحساب ما قال، وأيضاً فإنه يلزم من اعتبار الشبه في الاختلاف في قدر الأجرة والمدة اعتباره في قدر الأجرة فقط أو المدة فقط وإنما تركه من تركه للعلم به لأنه معلوم أن الشبه من مرجحات الدعوى، وعليه فقول الناظم: حيث ينتقد يعني وأشبه، ويلزم المكتري إن لم يسكن إتمام المدة بما قال المكري: كما هو أحد شقي التردد. وقوله: ثم يؤدي ما عليه حلفاً يعني: إذا أشبه فيما يدعيه من المدة، وإلاَّ فالقول لربها ويأخذ من الكراء لماضي المدة بحساب ما قال ويفسخ الباقي لأن شراء المنافع كشراء الذوات فما فات منها يصدق فيه المشتري إن أشبه وإلاَّ صدق البائع ويفسخ العقد فيما لم يفت منها وهو معنى قول (خ) في البيع: وصدق مشتر ادعى الأشبه وحلف إن فات إلخ. وقوله: وإن يكونا قبل سكنى إلخ. يعني ولا ينظر هنا لشبه لعدم فوات المنافع والله أعلم. ثم أشار إلى الاختلاف في القدر فقال:
وإن يكُنْ في القَدْر قَبْلَ السُّكْنى ** تحالَفا والفَسْخُ بَعْدُ سُنَّ

(وإن يكن) الاختلاف (في القدر) للكراء كأن يقول المكري بعشرة ويقول المكتري بثمانية فإن كان ذلك (قبل السكنى. تحالفا والفسخ بعد) أي بعد حلفهما (سنا) أي شرع، وظاهره أنه لا ينظر لشبه ولا لنقد وهو كذلك لعدم فوات المنافع كما في البيع.
وإنْ يكن من بعدِ سُكْنَى أَقْسَمَا ** وفسْخُ باقِي مُدَّةٍ قد لَزِمَا

(وإن يكن) الاختلاف المذكور (من بعد سكنى) بعض المدة أو زراعة بعضها (أقسما) أي حلفا معاً (وفسخ باقي مدة قد لزما).
وَحِصَّةُ السكْنَى يُؤْدِّي المكْتَرِي ** إنْ كان لَمْ يَنْقُد لماضي الأَشْهُرِ

وحصة) مدة (السكنى) والزراعة الماضية (يؤدي المكتري) من حساب ما قال وهو الثمانية في المثال لأنه يصدق فيما مضى وفات إذا أشبه كما مرّ سواء أشبه المكري أم لا. فإن انفرد المكري بالشبه فيأخذ لماضي المدة من حساب ما قال وهو العشرة بعد يمينه، وإن لم يشبها حلفا ووجب كراء المثل فيما مضى ومحل الفسخ في الباقي وتصديق المكتري عند شبهه (إن كان لم ينقد لباقي الأشهر) فإن نقد خمسة مثلاً وقال: هذا المنقود هو كراء السنة كلها، وقال الآخر: بل هو كراء ستة أشهر منها وبقي لي عندك من تمام كراء السنة خمسة أخرى فإن أشبها معاً أو المكري فقط جاء التردد المتقدم هل يصدق المكري بيمينه ويأخذ لماضي المدة بحساب ما قال وهو العشرة ويفسخ باقي المدة أو يعمل بقوله في الماضي والمستقبل ويلزم المكتري إتمام المدة بجميع الكراء؟ وأما إذا نقدا ولم يشبها معاً أو أشبه المكتري فقط ففي الأولى يجب عليه كراء المثل فيما مضى ويفسخ الباقي، وفي الثانية يكون عليه فيما مضى بحساب ما قال، وينظر إلى الدار فإن احتملت القسمة ولا ضرر على المكتري في سكنى نصفها سكنها في نصف الخمسة الباقية في المثال، وإن كان عليه ضرر فسخت بقية المدة ورد المكرى عليه نصف الخمسة المقبوضة قاله المتيطي إلا إنه لم يقيد بالشبه، وقد علمت أنه لابد منه وهو معارض لما مرّ عن (خ) من أنه يفسخ الباقي مطلقاً، ومن أنه إنما يصدق في الماضي مع الشبه والفوات والله أعلم.
والقَوْلُ من بعدِ انقضاء الأَمَدِ ** لِلْمُكْتَري والحَلْفُ إنْ لَمْ يَنْقُدِ

(والقول) فيما إذا اختلفا في قدر الأجرة كما هو الموضوع (من بعد انقضاء الأمد) أي وهو أمد الكراء (للمكتري) بشرط الشبه كما مرّ لأنه معتبر مع فوات كل المنافع أو بعضها، وبشرط أن يحلف وأن لا يكون نقد شيئاً كما قال: (والحلف إن لم ينقد) فإن لم يشبه بل أشبه المكري وحده ونكل المكتري عن اليمين أو كان نقد العشرة مثلاً، وزعم بعد انقضاء المدة أن الكراء إنما هو خمسة منها والخمسة الأخرى قرض أو وديعة، فالقول للمكري إن الجميع كراء بيمينه إن أشبه وإن لم يشبها حلفا ووجب كراء المثل، ثم شبه في كون القول للمكتري ما إذا اتفقا على الأجرة وقدر المدة وإنما اختلفا في انقضائها فقال:
كَذَاكَ حُكْمُهُ مع ادعائِهِ ** لِقدْرِ باقِي مُدَّةِ اكْتِرَائِهِ

(كذاك حكمه) أي المكتري (مع ادعائه لقدر) اللام زائدة (باقي مدة اكترائه) لو قال بقاء قدر مدة اكترائه لكان أحسن وسلم من زيادة اللام.
واعلم أنه لا يتأتى الاختلاف في انقضاء المدة إلا بالاختلاف في مبدئها، ومحل كون القول للمكتري بيمينه إذا أشبه الآخر أم لا؟ فإن أشبه المكري فقوله بيمينه وإن لم يشبها حلفا ووجب كراء المثل فيما مضى، وإن وقع الاختلاف قبل أن يمضي شيء من المدة حلفا وتفاسخا ولا ينظر لشبه لعدم فوات المنافع، فإن أقام كل البينة قدمت بينة المكري لتقدم تاريخها، وهذا الحكم عام في الكراء والبيع. (خ): وإن اختلفا في انتهاء الأجل فالقول لمنكر التقضي إلخ. ثم أشار إلى اختلافهما في جنس الكراء أو قبضه فقال:
والقولُ في القبض وَفي الْجِنْسِ لِمَنْ ** شَاهدُه مَعْ حَلْفِهِ حَالُ الزمَنْ

(والقول) في الاختلاف (في القبض وفي) الاختلاف في (الجنس لمن شاهده مع حلفه حال الزمن) بالرفع خبر عن شاهده ومع حلفه حال من القول، فإذا اختلفا في جنس الكراء فزعم المكري أنه بالدنانير، وزعم الآخر أنه بعرض، فإنه ينظر لعرف البلد في مثل ذلك الكراء من كونه بالدنانير أو بالعرض، فمن شهد له عرف البلد منهما صدق مع يمينه كما مر في البيع في التنبيه الثاني عند قوله: بأضرب الأثمان والآجال. أنه لا فرق بين بيع الذوات والمنافع، وأما إذا اختلفا في القبض فإنه ينظر للقرب والبعد، فإن كان الكراء مشاهرة أو مسانهة ودفع ببينة كراء شهر معين أو سنة معينة فذلك براءة لما قبل ذلك من الشهور والسنين كما مر في كراء الدور في التنبيه الثالث، وإن لم يدفع كراء شهر معين ولا سنة بعينها فالقول للمكتري فيما مضى إلا في الشهر الأخير والسنة الأخيرة، فالقول لرب الدار إن قام بحدثان ذلك فإن تطاول ذلك حتى حال نحو الشهر في الشهور والسنة في السنين، فالمكتري مصدق مع يمينه قاله ابن سلمون ونحوه في المتيطية قائلاً وبه العمل، وكذلك قيام الصناع بعد رد المتاع ثم يطلبون بعد ذلك أجرتهم يفصل فيه بين القرب والبعد، والعمل بفاس أن يقبل قول المكري في الثلاثة الأشهر الأخيرة أنه لم يقبض كراءها مع يمينه كما في المجالس المكناسية ولا يقبل قوله فيما زاد عليها، فقول الناظم حال الزمن يعني يعتبر في كل ما يليق به، ففي القبض يعتبر القرب والبعد في الزمان، وفي الجنس يعتبر عرف البلد في ذلك الزمان والله أعلم.
تنبيه:
فإن لم يبينا في عقد الكراء وقت أدائه واختلفا فيه فقال المكتري: تعجله في أول الشهر، وقال المكري في آخره حملاً على عرف البلد كما قال (خ): وعجل إن عين أو بشرط أو عادة إلخ. فإن لم يكن عرف لزمه أن يؤدي في كل يوم بحسابه.